close
عنوان الصورة

السبت، 23 فبراير 2013

أثار و حلول البيروقراطية في الدول النامية:





الآثار السلبية للبيروقراطية على الإدارة و المجتمع ككل:
بعد أن تم عرضنا لمفهوم البيروقراطية ’ و بيان كلا من معناها القديم و الحديث’ و مررنا بأهم الأسباب التي تخلقها و تؤدي إليها كمشكلة أو كمرض من أمراض الإدارة، نتعرض الآن لأهم مساوئها و أثارها الضارة سواء على مستوى الإدارة  أم على مستوى المجتمع ككل:
1-عجز الإدارة عن تحقيق أهدافها: إذا كانت الإدارات تنشأ أصلا من اجل تحقيق أهداف معينة منوط بها تنفيذها و تحقيقها، فانه في ظل ما تحيا فيه هذه الإدارة من بطء و تعقيد في الإجراءات، و خلل واضح في التنظيم سواء في طريق العمل و إجراءاته أو العاملين و هيكلهم الإداري، تقف الإدارات عاجزة عن تحقيق أهدافها و عن رفع مستوى أدائها. و هذا بالطبع يرجع بصفة أساسية للبيروقراطية و نتائجها السيئة المؤدية إلى إهدار الجهد و الوقت و المال،حيث أن إجراء واحد تقوم به الإدارة يلزم من الوقت و الجهد و المال أضعاف ما يستحق إذا ما اتبعت الإدارة مبادئ الإدارة السليمة هذا بالإضافة إلى ارتفاع النفقات بشكل كبير’ و ازدياد كميات الأوراق و الأدوات المكتبية المستخدمة في أداء الخدمات، و المحصلة في النهاية هي تعطيل العمل و عرقلته و تحول الإدارات لتصبح هي نفسها عائقا لتحقيق أهدافها بكل ما تحتويه من مساوئ.
2-إثارة السخط و الضيق لدى جمهور المواطنين: إن المواطن العادي الذي يتعامل مع الإدارة يتأثر حتما بما يواجه من صعوبات عند لجوءه للإدارة لتحقيق مصلحة ما،فلا شك ان التعقيدات التي يواجهها جمهور المواطنين المتعاملين مع الإدارة تثير في نفوسهم السخط و الضيق و الإحساس بعدم الرضا،و تحملهم لأعباء مادية و صحية و كمثال على ذلك نجد المواطن البسيط يلجا لأحد المصالح لتحقيق غرض ما يجد نفسه أمام  سلسلة من الإجراءات الطويلة و المعقدة و اضطراره الانتظار لوقت طويل لينهي غرضه،ليرى في نفس الوقت  الكثير ممن ينهون مصالحهم لمجرد الوساطة أو المحسوبية أو عن طريق دفع رشوة....
و يكون الاتهام الدائم و المستمر للحكومة  لعدم بذل الجهد الكافي في مواجهة المشاكل التي تنغص حياتهم.
3- فتح الباب للفساد الإداري: من الملاحظ عملا أن ظاهرة البيروقراطية بكل ما تفرزه من إجراءات أنها معقدة و العمل الإداري بطيء  و يستغرق وقتا طويلا لانجازه، فيلجأ كل صاحب مصلحة أو خدمة لأحد الرؤساء الإداريين من معارفه لينجز له خدمته قبل الآخرين و في وقت قصير دون أن يتحاصر بسلسلة من الإجراءات المعقدة التي تحكم سير العمل.
ان العديد من الانحرافات الإدارية البغيضة مثل الوساطة و المحسوبية و الرشوة لا شك أنها ترجع لعوامل متعددة و منها بالطبع بشكل أساسي البيروقراطية، فالرابط بينهما و بين تلك المساوئ التي تفرزها واضح، و الحاجة الماسة للقضاء على تلك الظاهرة البغيضة أصبحت ضرورية، حتى لا ينفتح الباب على مصراعيه لكافة أوجه الفساد الإداري.
4- تقليص حجم الاستثمار: كثيرا ما تقف البيروقراطية عائقا أمام مجهودات الاستثمار و المستثمرين، فالبيروقراطية تمثل عقبة كبرى أمام جميع المجهودات المبذولة لتسهيل الأمور،كما يهرب الكثير من المستثمرين من بلاد الإجراءات المعقدة إلى حيث يجد الإجراءات الميسرة،فالبيروقراطية تزيد من تكلفة الأعمال و تقلل من مستوى التنافسية و تدخل المستثمرين متاهات يخسرون من خلالها رؤوس أموالهم،مثلما يحدث في مصر يتهرب المستثمرين منها لبلاد اخرى لما يحدث فيها من تعقيدات و بيروقراطية.


ماجد الحلو ، الإدارة العامة ومبادئ الشريعة الإسلامية ،

الدول النامية و البيروقراطية






البيروقراطية كلمة تعني قوة المكتب او سلطة المكتب و البعض يسميها الحكم المكتبي ، و قد جاء المصطلح من كلمة مركبة هي
Bureaucracy  شقها الاول Bureau و يعني المكتب و شقها الثاني cracy  و هو مشتق من الاصل الاغريقي KRATIA و تعني  القوة ، فالكلمة المركبة هذه تعني سلطة المكتب ، او حكم المكتب او قوة المكتب.
" هي التنظيم الهرشي المصمم عقلانيا قصد تنسيق عمل عدد معين من الافراد و ذلك لمواصلة استمرار المهام الادارية على اوسع نطاق و لبلوغ الاهداف التنظيمية"
 مفهوم الدول النامية:
1-تعريف الدول النامية:
مجموعة كبيرة من الدول حديثة الاستقلال يقارب عددها 150 دولة تضم 83% من سكان العالم ، أما نصيبهم من الدخل الخام العلمي لا يتعدى 20% ، تعاني هذه الدول بنسب متفاوتة تخلفا اقتصاديا ، اجتماعيا، و ثقافيا .
2-بروز مصطلح الدول النامية:
استعمل الجغرافي الفرنسي سنة 1952 في موضوع صحفي تحت عنوان (trois monde : une planète)  مفهوم العالم الثالث لتعيين الدول الفقيرة المستقلة حديثا او في طريق الاستقلال ، فتميزت هذه الدول عن المعسكرين الشرقي و الغربي اللذان حاولا جاهدين استقطابها فكان رد دول العالم الثالث في مؤتمر الإخاء الإفريقي الأسيوي ، باندونغ 24 افريل 1955 و مؤتمر عدم الانحياز في بلغراد 1961 الرافض للحرب الباردة .
كما عرفت دول العالم الثالث مجموعة 77 سنة 1964 أثناء مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و التنمية  CNUCED.
 استعمل لفظ الدول النامية ، الدول السائرة في طريق النمو خلفا للفظ الدول المتخلفة. و مع زوال الحرب الباردة في نهاية الثمانينات استعمل مفهوم دول الجنوب مواجهة للدول الصناعية و المتقدمة في الشمال.
3-تحديد المجال الجغرافي للدول النامية:
يمتد المجال الجغرافي للدول النامية جنوب العالم المتقدم ، يفصل بينهما خط شبه أفقي شمال مدار السرطان يخترق أمريكا عند حدود الولايات المتحدة الأمريكية و المكسيك ثم يمر بين أوروبا و إفريقيا عبر البحر المتوسط ليخترق أسيا جنوب مجموعة الدول المستقلة اي جنوب جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا ثم جنوب اليابان ، اما استراليا و نيوزلندا فهما اصطلاحا من عالم الشمال لكنهما يقعان جنوب الكرة الأرضية و هذا ما توضحه الخريطة المقابلة.


-أسباب تخلف الدول النامية بشكل عام:
*خضوع معظمها خلال ماضيها القريب للاستعمار الحديث الذي خرب بنيتها الاقتصادية و الاجتماعية.
*ضعف الهياكل القاعدية و ضعف الصناعة التحويلية في معظم دول الجنوب.
*نسبة النمو السكاني أكثر من نسبة النمو الاقتصادي.
*عدم الاستقرار السياسي .
*الجفاف و تذبذب المناخ إضافة لكثرة الصحاري و اكتساحها لمساحات واسعة .
*طبيعة العلاقات الدولية التي يغلب عليها طابع الهيمنة و الاحتكار و تحكم الرأسمال الأجنبي في اقتصاد الدول المتخلفة.
*الأمية و قلة الاستثمار في العنصر البشري.
خصائص الدول النامية:
1-الخصائص الاقتصادية
*تخلف صناعي و زراعي.
*ضعف أو قلة الهياكل .
*تصدير الخامات و استيراد المواد الاستهلاكية و المواد الغذائية.
*تفاقم خطر المديونية.
2-الخصائص الاجتماعية و الثقافية:
*تدني مستوى المعيشة .
*سوء التغذية و ظهور المجاعة في بعض الدول.
*البطالة و الفقر.
*انتشار الأمية.
*التبعية الثقافية.
*انخفاض متوسط العمر.
3-الخصائص السياسية:
*عدم الاستقرار السياسي و قلة الديمقراطية.
*الصراعات الداخلية.
*عدم القدرة على اتخاذ القرار السياسي بكل سيادة
خصائص الإدارة العامة في الدول النامية.
تعاني الأجهزة الإدارية لهذه الدول العديد من المشاكل إضافة إلى أنها غير كفوءة، كما يتضح من خصائصها التي تتلخص كالأتي:
1-الإدارة العامة إدارة مقلدة أكثر منها أصيلة: إذ أن معظم الدول حتى تلك التي لم تخضع للاستعمار،تحاول أن تنقل صورة البيروقراطية الغربية، و تميزت الإدارة في هذه الدول بأنها إدارة تقتصر على فئة محدودة نخبوية و ذات نظرة أبوية.(التشبع بالثقافة الاستعمارية).
2-افتقار البيروقراطيات إلى الكوادر الماهرة القادرة على تخطيط و تنفيذ البرامج التنموية:
إن أجهزة الخدمات العامة تعج بالموظفين البسطاء و الزائدين في المستويات الدنيا مثل: الخدم و المراسلين و الكتبة الصغار و غيرهم...و النقص هنا يتمثل في عدم وجود إداريين مدربين ذووا قدرات إدارية و مهارات تنموية و كفاءات فنية...
3-وجود اتجاهات غير إنتاجية في الأجهزة البيروقراطية: حيث يوجه نشاط البيروقراطية لخدمة أهداف أخرى غير الأهداف المرجوة منها’ و رغبة البيروقراطيين في تفضيل المصالح الفردية على حساب المصلحة العامة. و انتشار هذه الممارسات ما هو إلا استمرار لقيم متأصلة من الماضي،لم تتغير رغم تبني الهياكل الاجتماعية الحديثة’فالمركز الاجتماعي في هذه المجتمعات يقوم على معايير شخصية و ليس على معايير الانجاز.
4-التناقض الكبير بين الوضع الرسمي و الواقع أو ما يسمى بازدواجية المعايير: يسمي رجز هذه الظاهرة بالشكلية، و هذه الظاهرة نتيجة طبيعية للمظاهر التي تعكس الإصرار على الظهور بمظهر ما يجب ان تكون عليه الأمور خلافا لما هو عليه الواقع.
5-تتمتع البيروقراطية في هذه الدول بدرجة عالية من الاستقلال:و ذلك بسبب التقاء قوى كبيرة فيها’ فهي تحتكر الخبرة الفنية في مجتمع يهدف للتصنيع و التطوير الاقتصادي.
جوانب البيروقراطية في الدول النامية:

أسباب البيروقراطية في الدول النامية

         نتحدث هنا عن أسباب البيروقراطية كمشكل أو مرض في جسم الإدارة أي البحث عن الأسباب التي تخلقها و تؤدي إليها و تجعل منها مشكلة خطيرة تصيب الإدارة .
- الأسباب الراجعة إلى عيب في التنظيم :
*شدة تركيز السلطة في يد الرئيس الإداري : أي انفراد الرئيس الإداري بسلطة البث و التقرير النهائي في كافة شؤون إدارته دون أن يشاركه فيها احد من أعضاء السلطة الإدارية و لهذا الأسلوب عيوب كثيرة ، حيث نجد القوانين و اللوائح تستلزم موافقة الرئيس الأعلى في الإدارة على أمور كثيرة أحيانا تكون بسيطة بحيث تركز سلطة إصدار القرارات و البث في مختلف الأمور اللازمة لتشغيل الإدارة في يد هذا الرئيس الذي يحتل أعلى درجات الهرم الإداري ما يؤدي إلى عجزه عن تصريف شؤون إدارته فيضطر في النهاية إلى الموافقة و التوقيع بلا فحص او دراسة على ما يعرض عليه من ملفات و أوراق يعدها في الأساس موظفون غير مسؤولين عما تتضمنه من قرارات كما يؤدي هذا التركيز أيضا إلى البطء الشديد في اتخاذ القرارات و إصدار التصرفات ، كما لا يجد هذا الرئيس متسع من الوقت للقيام بالمهام الرئيسية التي تجب عليه .
و من النتائج السلبية أيضا لهذا الاسلوب الداري هو انخفاض الروح المعنوية لدى العاملين و عدم تكوين كوادر حقيقية مؤهلة لان تتعامل مع المواقف الخاصة او الحرجة ، الأمر الذي يؤدي  بدوره إلى تخلف العمل الإداري سواء من حيث الجودة او سرعة الانجاز.
نخلص من كل هذا أن تركيز السلطة في يد الرئيس الإداري هو من الأساليب الشائعة في كافة الإدارات المتخلفة و هو احد الأسباب الهامة إلي تساهم في مشكلة البيروقراطية حيث تتعقد الإجراءات و يصير العمل الإداري بطيء و رديئا.
*كثرة القوانين و اللوائح و قصورها:
كثير ما ينشا التنظيم او المنظمة الإدارية و هي محاطة بغابة من القواعد القانونية التي تحكم سير العمل في الإدارة و لا شك أن كثرة القوانين و اللوائح و القرارات الوزارية غير المتطورة مع ظروف المجتمع هي احد أهم الأسباب التي تؤدي إلى البيروقراطية ، كما أن هذه القوانين واللوائح تفرز الكثير من الأخطاء والأوضاع غير الطبيعية مثل الرشوة والفساد والتحايل على القوانين .
تلك القوانين واللوائح مع كثرتها فهي تتصف أيضا بقصورها من نواحي عدة ، كأن تكون غامضة أو معقدة ، أو لا تتماشى مع مقتضيات العمل الصحيح وأسس التنظيم العلمي للإدارة ، كما أنها يداخلها الكثير من التعديلات التي تتشابك مع بعضها حتى تتوه الأصول عن الفروع ، وقد يرجع السبب في ذلك إلى التسرع في إصدارها وعدم تمسك واضعيها بمبادئ الإدارة السليمة التي يجب أن تتخذ أساسا لكل تنظيم ، فكم من مرة تغير تشريع من نقيض الى نقيض خلال فترة زمنية وجيزة ، دون بحث أو دراسة أو مبرر واضح .

* كثرة العملين:
لا شك أن نجاح العنصر الإنساني الذي تقوم علية الإدارة في أداء دورها يعد من أهم عوامل تقدم الإدارة وحسن اضطلاعها بأعبائها الثقيلة ومهامها المتنوعة . غير أن عدد موظفي الدولة الحديثة قد تضخم في مختلف البلدان بشكل كبير وأصبح في كثير منها يعج بالملايين ، ولا يخفى على أحد مدى ما تسببه تلك الكثرة من مساوئ أهمها ظهور وتضخم مشكلة البيروقراطية.
أما عن أسباب تلك الظاهرة فقد تكون في لجوء الحكومة أحيانا إلى توظيف من لا تحتاج إليهم الإدارة حقيقة ، فتملآ بهم مكاتب المصالح بلا فائدة بقصد محاربة البطالة، فيترتب على ذلك استبدال البطالة المقنعة أو المستقرة بالبطالة الظاهرة أو السافرة .
وهذا التزايد نجد تأثيره واضحا على أداء المنظمات الإدارية لدورها ، حيث يؤدى هذا التزايد إلى الارتباك في العمل وعرقلة أعمال الإدارة وضياع أو تشتت المسئولية فيها ، فضلا عن زيادة التكاليف والنفقات ، كما يؤدى أيضا إلى
الانتقاص من الشعور بالمسئولية لدى الموظفين الاتكال كل منهم على الآخر واستهانته بالقدر القليل المعهود به إليه ، الأمر الذي يخلق فى النهاية جوا فى العمل سمته البارزة إجراءات معقدة ، كثيرا ما تنطوى على أخطاء مؤكدة أو تعقيدات لا مبرر لها تؤدى إلى تعطيل المصالح.
غير أن المشكلة الحقيقية الناتجة من كثرة العاملين ألا وهى تدنى المرتبات كانت سببا مهما لتصعيد مشكلة البيروقراطية، حيث أن
أغلب العاملين أو الموظفين الذي يعملون لدى الدولة  يشكون من تدنى مرتباتهم.
2- أسباب راجعة لعيب في القائمين على التنظيم:
* ميل الرؤساء الإداريين لتركيز السلطة :
إذا حتى و إن كان التنظيم فى ذاته قائم على عدم التركيز الإداري ولكن يميل الرئيس الإداري فيه لتركيز السلطة فى يده والاستئثار بها، حيث لا يعتد اعتدادا حقيقيا بأداء مرءوسيه ، ويقوم بإخضاعهم لنوع صارم من الرقابة والتوجيه ، ويعتمد على الأوامر القاطعة فى تنفيذ الأعمال المطلوبة .
ويرجع أسباب ذلك الميل لدى الرؤساء إلى حب السيطرة والاستئثار بالسلطة ، والثقة بالنفس التي تجاوز الحد المعقول وتصل أحيانا لحد الغرور والاعتقاد بأنه يفهم كل شئ وأنه على مقدرة تامة للقيام بكل شئ. كما يرجع ذلك أيضا إلى عدم ثقته فى مرؤوسيه وخوفه من تمرسهم على العمل الإداري واعتقاده أن تدرب المرؤوسين على إصدار القرارات واكتسابهم للخبرة سيدفع المرؤوسين إلى الاستهانة برؤسائهم ، وإلى انتشار روح عدم الولاء والطاعة بينهم. هذا بالإضافة لعدم تأهيله تأهيلا كافيا على كافيا على مبادئ القيادة الإدارية الرشيدة.
هذا الميل لدى الرؤساء الإدارية لتركيز السلطة وحصرها فى أيديهم يؤدى بشكل أساسي إلى فشل الإدارة فى تحقيق أهدافها على الوجه الأكمل نظرا لعدم إلمام رئيسها الإداري بكل أنواع الخبرات والمعارف اللازمة لصنع القرار الصحيح فى كافة المجالات .
ولكن ما يهم إبرازه هنا هو تأثير هذا الاتجاه على العاملين ، حيث تسوء حالتهم النفسية وتنخفض معنوياتهم ، ويتحولون مع الوقت لمجرد آلات صماء تعمل على تنفيذ أوامر ونواه الرئيس الإداري ، ومع اصطدام العاملين بجمهور المواطنين تتفاقم المشكلة وتبرز
البيروقراطية حيث نجد إجراءات صارمة وقواعد محددة لا سبيل للحياد عنها .

*التمسك الحرفي بالقوانين واللوائح:
فالتمسك الحرفي بالقوانين واللوائح ، والنظر إلى الإجراءات المطبقة كما لو أنها هي الغاية وليست الوسيلة هو جوهر مشكلة البيروقراطية بمفهومها الشائع الآن ، حيث لا يستطيع الموظف أو العامل يقوم بأي تصرف على خلاف ما تنص عليه القوانين واللوائح وبالتالي تتعطل المصالح وتستغرق وقتا طويلا لإنجازها مع ما يستتبع ذلك من جمود وتقليل من الكفاءة الإنتاجية .
وترجع شدة تمسك العامل أو الموظف فى الإدارة بالإجراءات وتطبيقها على حرفيتها حتى وأن خالفت المنطق والصالح العام بصدد حالة من الحالات أهمها :
الخوف من المسئولية ومحاولة تجنبها ، ففي كثير من الحالات يتأكد الموظف أن تطبيقه الإجراءات الذي أمامه إنما يؤدى قطعا إلى عكس المطلوب والى نتائج غير سليمة ، وأن هناك سبلا أخرى ومسيرة يمكن إتباعها . ومع ذلك يصر على تطبيق الإجراءات خشية المسئولية .
التراخي والكسل وعدم الرغبة فى بذل الجهد للبحث عن الحل الأمثل والصحيح للمشكلة المواجهة . حيث أن تنفيذ الإجراء الذي تعود علية الموظف وأصبح يؤديه بطريقة شبة آلية يعتبر أيسر وأسهل بكثير من القيام بالبحث عن حل
آخر أكثر ملائمة للمشكلة المعروضة.
وأحيانا ما يكون تمسك العاملين بالإجراء وتطبيقها كما هي يكون سببه ميلهم إلى الاستعلاء على جمهور المواطنين واعتقادهم بأنهم يكونون طبقة أسمى وأشرف منهم وبالتالي يسعون بكل جهدهم لتعقيد الإجراءات أو تطبيقها على تعقيدها حتى يظهر أمام الجميع مدى صعوبة عملهم ويبالغوا فى أهميته
،كما أن بعض العاملين كثيرا يحبون الظهور بمظهر يحترم ويطبق قواعد العمل كما هي موجودة . فإن كان بها عيب أو قصور فإن مهمة إصلاحها أو تعديلها لا تقع على عاتقة وإنما هي مهمة مسئولون آخرون .
وأود أن أقول كلمة ختامية أختم بها الحديث عن أسباب البيروقراطية ، ألا وهى أن الالتزام بحرفية القواعد والإجراءات والتعصب لها هو جوهر المشكلة القائمة ولبها ، وهو السبب الرئيسي والفاعل الذي أدى إلى تفاقم مشكلة البيروقراطية وذيوعها ، حيث أن هذا التعصب الغير مبرر تبريرا منطقيا إنما يؤدى فى النهاية الى تشبع الإدارات بالروتين والجمود وإغفال الإدارة لأهدافها الأساسية

ادارة المنازعات الادراية

ادارة المنازعات الادراية تعتبر المنازعات(سواء الفردية أو الجماعية)اليوم داخل المؤسسات العمومية اللتي تقع بين المنظمات العمالية وأرباب ال...